فيلم الأصليين … عن ضياع المعنى من حياتنا ورفض الواقع
لن نتحدث عن الإخراج العظيم واللوحات الفنية التي أخرجها لنا مروان حامد وأحمد المرسي لأنهم لا يحتاجوا ان يتحدث احد عن مدى عظمتهم و روعتهم ، ولن نتحدث عن مستوى التمثيل المبهر جداً _ باستثناء منة شلبي في رأيي لم تكن بمستوى باقي الممثلين أو أنها كانت مندمجة مع شخصيتها _ ولن نتحدث عن أفكار احمد مراد الى أراد أن يوصلها لنا من خلال الفيلم .
إذ كانت الفكرة الأساسية التي دار حولها فيلم الأصليين او الأفكار المطروحة ضمنيا داخل الأحداث ، لكن سنتحدث عن الحكاية التي صاغها أحمد مراد بمهارة وحرفية واستطاع أن يوظف فيها و يوصل من خلالها الأفكار التي أراد أن يقولها .
ناس كتر كانت تقول إن أحمد مراد اعتمد على نجاحاته السابقة في الأعمال الروائية ونجاح فيلم الفيل الازرق وبالتالي لم يتعب نفسه في ان يجاوب على أبسط الأسئلة في هذا الفيلم ،إلا إن كل أسئلة الفيلم مجاب عنها مع شوية تركيز فقط ، أحمد مراد يضعنا أمام خيارين اننا ناخد الاحداث دي كونها حقيقية فعلا ، أو أن الفيلم كله يكون Plot Twist كبيرة ، وهذا الذي سنتحدث عنه بتفصيل أكثر …!
١- سمير عليوة
أحداث قصة فيلم الأصليين بشكل أساسي ومهم تدور من وجهة نظر واحدة فقط ، وجهة نظر سمير عليوة الموظف النمطي جداً ، الذي فرض عليه رياضته وهو صغير ،وفرض عليه عمله ،وفرض عليه جوازته ، حتى الجزر في وسط البسلة الذي طهته له والدته.. وعندما أصبح له هواية في جمع الجرايد القديمة ظلت طوال حياته تقريباً لم يكن لها داع ! . شخص يريد ان يكون Future Talent حتى وهو لم يكن لديه ال talent اصلا !
يكلم ابنته في أنه يريد أن يصبح بطل أو superhero يريد ان يشعر انه مؤثر في حياة اسرته او في حياته هو شخصياً حتى ..
٢- الحدث المؤثر :
يحدث أن سمير في يوم يذهب إلي البنك يجدهم يرفدوه ، والسبب الذي يقولونه له ان الادارة تريد دم جديد بمرتبات أقل ،لكن هل ده فعلا السبب الحقيقي ؟!
السبب الحقيقي وراء رفده من البنك ببساطة أنه ليس الأفضل للوظيفة ، بسبب دخوله ال career هذا بالواسطة من خلال والده ، وهذا الذي وضحته والدته عندما كان جالس معها ، وماهو Career سمير الحقيقي ؟ سنتحدث عنه لاحقاً !
٣- الواقع الموازي :
سمير بعد صدمة رفده من العمل،و من بعدها الضغوط المادية كانت من زوجته او اولاده او اقساط الشاليه ، يبدأ يتخيل واقع موازي ،يحقق فيه بطولته التى يريدها ،و أنسب طريقة يبدأ بها العالم هذا ..
تليفون من مجهول ، وخلق للشخصيات !
تجده يشتري iPhone ويقنع نفسه أن أحدهم تركه له ، لكن لما يسأل Security العمارة يقول له ان لايوجد احد دخل أو خرج ،
مكالمة تأتى له من أحد أفراد منظمة سرية ، ويكون اسم الشخص هذا على اسم الممثل القدير رشدي اباظة ، وتكون هذه المنظمة تراقب الناس وتعدل الموازين ، هل يحققوا ده فعلا ؟
٤- شركة الاتصالات و خدمات المراقبة :
في بداية فيلم الأصليين سمير جاءته مكالمة من شركة متخصصة في الاتصالات وخدمات المراقبة عن بعد ،ولما يستلم شغله مع الأصليين ،رشدي اباظة يجيبله شهادات أصلية وحقيقية تفيد دراسته في مجال الاتصالات ،ويشغله في نفس الشركة اللي كلموه في الأول ، كل ده صدفة ؟ طبعاً لا ! Career سمير الحقيقي في مجال الاتصالات ، و الشهادات بتاعته ودراساته دي كلها حقيقية وأصلية فعلا ، لكن يهملها على مدار ١٥ سنة شغل في البنك ! ، وده يفسر لماذا لم يكن الأفضل في عمله لأنه ببساطة لم يكن مجاله !
لكن ماذا يستفيد من شغل مثل هذا الآن بعد خبرة في مجال البنوك ؟ ستعرف بعد قليل !
٥- اللوتس الأزرق :
تتذكر حوار سمير مع والدته ؟ لو فاكر يبقى مؤكد تتذكر انها كلمته عن أرض الواحات وبعد ذلك بدأت تكلمه عن المشروع ، والذي ظهر أنه هو ترك الفكرة تماما ! لكن هل فعلا تركها ؟ في الحقيقة انه وظف الواقع الموازي الخاص بيه وفكرة الأصليين في أنه يحقق مشروعه في أرض الواحات الذي يسميه Ecology اللوتس الأزرق ، كيف هذا ؟ الرد في رقم وكلمتين …
٦- ثريا جلال :
ثريا جلال عالمة الحضارات التي تميل للرجوع للطبيعة الأم و خصصت جزء من دراستها لزهرة اللوتس الأزرق وتأثيرها على الجانب الإبداعي في المخ عند الفراعنة ، ما علاقتها بسمير ؟ سمير لا يربطه بثريا الا انه يحضر محاضراتها عن الحضارة و الرجوع للطبيعة لكي يقدر يستفيد منها في مشروعه ،لكن فضوله و وظيفته سمحوا له بأن هذا لا يكون الرابط الوحيد ،فاستطاع
أن يراقبها من خلال وظيفته في شركة الاتصالات والمراقبة ،و هذا يفسر لنا كيف عرف ان رامي حبيبها بيخونها ،
لكن ما هي علاقة سمير و ثريا بالنداهة ؟ سأقول لكم !
٧- النداهة :
بغض النظر عن الحكاية اللي حكاها رشدي أباظة لسمير عن النداهة لكي يشتته ،الا اننا لو ركزنا سنجد أن صوت النداهة هو صوت ثريا جلال ! ، فعلاً سمير كان يسمع صوت ثريا جلال ،لأن وجودها كان له أهمية بالنسبة له على مستوى المشروع أولا وعلى مستوى العلاقة العاطفية اللي نتجت من فضوله ومراقبته ثانيا !
٨- حكاية بهية :
بهية وياسين من الحكايات الشعبية المصرية اللي غنت في المواويل ،لكن ماهو علاقتها بسمير والاصليين ؟
وماهو معنى وشم بهية ؟ . بهية في الحكاية الشعبية الوهمية بطلة وامرأة بطل كان يحارب الإقطاعيين ومات فدا بلده ، لكن الحقيقة التي يجدها سمير بعد ذلك في جرائده القديمة ان بهية كانت راقصة ،وهربت مع ياسين البلطجي ومات وقت محاولة القبض عليه ! ، هذا مثل ماحدث لسمير في حياته ، انه ظل يعيش في وهم الأصليين ومنظمة المراقبة السرية ،و في النهاية أدرك الحقيقة وفاق و بدأ يشغل خياله في مشروعه الجد ،ليس في تحقيق طموحات وهمية ! طب هل هذا معناه ان سمير مجنون ؟ ليس بالضبط !
٩- ماهيتاب ، عمر و ليلى :
في لحظة من اللحظات في غرفة المراقبة الخاصة بـالاصليين يقرر سمير أن يراقب عائلته ، يرى زوجته تكلم دكتور الهرمونات تشكيله منه ، يرى ابنه يشتمه بألام ،وبري ابنته وهي تكلم واحد وترسل صورها اليه …
لكن هل ده حصل فعلا ؟
هل استغل عمله في شركة الاتصالات مثل ما عمل مع ثريا لكى يراقب عائلته ؟ في الحقيقة لا ! نتيجة العالم الموازي الذي وضعه لنفسه والضغوط المادية اللي عليه ، بدأ يرى خيالات …
والدليل على ده لما ماهيتاب مراته بتقوله : ” احنا مش هنقدر نستحمل جنانك ده كتير ! ”
١٠ – Fight Club :
فيلم Fight Club يعتبر واحد من أهم الأفلام في تاريخ السينما عموما ،و من اهم الافلام عن الانفصام أو الواقع الموازي خصوصا ! فلو نلاحظ في أخر الفيلم ،لما كان سمير بيقفل الشقة و هيروح أرض الواحات ، بيظهر في الخلفية بوستر فيلم Fight Club متعلق على الحيطه في غرقة عمر ابنه . وغير بوستر Fight Club فيه بوستر تاني يهمنا أكثر !
١١- بوستر فيلم الأصليين
بوستر فيلم الأصليين ممكن يكون من الأشياء التي يراها الناس سلبية أو لم يحبوها ، لكن لو رأينا ان البوستر مرتبط ارتباط كامل بالفيلم ليس مجرد صورة دعائية تعرفنا أن هناك فيلم اسمه الأصليين ،
بوستر فيلم الأصليين |
وده يوصلنا لاخر سؤال واهم سؤال شغل الجمهور وعايزين له اجابة مين هما الأصليين ؟
الاصليين هما نفس كل انسان !:
هي دي الفكرة ببساطة ! ان كل انسان رقيب على نفسه ،ولايوجد احد يقدر ان يهرب من نفسه ،و هناك كذا جملة تأكد الكلام هذا رشدي اباظة قال لسمير في الفيلم :
” الطبقة اللي احنا بنراقبها حوالي 54 مليون ، لو كل 3 ليهم مراقب واحد يبقى احنا محتاجين 18 مليون مراقب ، هنجيب منين ؟ ” ولما قال في الآخر : ” الناس عاملين زي الدواجن اللي بتحاول تهرب من المزرعة بس ميعرفوش ان المزرعة مالهاش سور ”
وهذا يفسر وجود الفيديوهات الحميمية بزيادة على التليفون من وهو صغير لحد قبل كام يوم .. او بمعنى ادق يفسر عدم وجودها !
لانها ببساطة ذكرياته ، نفسه التى دائما يراها ومعها !