لو كانت هناك صحافة مع بداية اﻻحداث اﻻولى فى تاريخ كوكب اﻻرض لكانت المانشيتات الرئيسية لتلك الصحف من نوعية : كوكب عملاق يضرب اﻻرض ، كوكب اﻻرض يختنق تحت الرماد البركانى ، اﻻكسجين القاتل يقضي على الحياة ، انفلات القارات العظمى وغيرها من مانشيتات مثيرة و خطيرة ومخيفة ، وهى كلها مانشيتات خيالية بالطبع ، لكنها مع ماحدث تبدو مانشيتات موضوعية وليس مبالغا فيها ، ﻻن كل تلك المانشيتات رغم ضخامة ما تعنيه وجسامة ما تشير إليه ﻻتصف ما حدث على وجه الدقة
فما حدث لكوكب اﻻرض شئ غير قابل للتكرار ، انها قصة اﻻلتحام واﻻندماج و التكون من فتات نيزكي لم يكن شئ بذاته ، ذلك قد حدث قبل أكثر من أربعة بلايين سنة أرضية وقبل سبعمائة مليون سنة أرضية من ظهور اى اشارة للحياة على سطح اﻻرض .
قصة الأرض إذن هي قصة درامية بامتياز ، لكنها دراما من نوع خاص. دراما كونية ، فالارض و الارتطامات والاضطرابات ..آلاف من المحن التي اجتاحت الكوكب من كل اتجاهاته ، صهرت طبقة الوشاح أو المعطف الارضى .والاصطدامات من المحن التي من كل اتجاهاته صرت طبقة الوشاح أو المعطف الارضى . هى قصة الأمطار الحديدية السائلة ومحيطات الصخور المنصهرة والذائبة ، هى ميلاد عنيف يليق بكوكب وتشكيل رهيب خلال المرحلة التكوينية وهو أكثر عنفا من كل العمليات التدريجية اللاحقة التي أعطت الأرض ملامحها التي نعرفها اليوم .
وكل تلك الاحداث كانت بالغة العشوائية والتدمير بشكل يستحيل معه التصور و إلى درجة تبدو معها جميع الكوارث التي تعرضت لها الأرض عبر الأربعة ملايين سنة التالية وكأنها عمليات تجميل هادئة ، فأحداث مئات الملايين الأولى من السنين من عمر الأرض هي التي صاغت مستقبل الأرض بشكل عميق وجذري ، حيث منحت الأرض كل تلك المزايا التي جعلت منها مكانا مناسبا للحياة .
فهناك البعد المناسب عن الشمس والحجم المناسب و زمن الدوران المناسب وميل محور الأرض الذي أعطاها تنوع الفصول والقمر الذى يعمل كمرساة السفينة يرسي الأرض فى الفضاء فلا تهتز أثناء دورانها ، وصولاً لتكون المياه ، سر الحياة ، ولو أن كل تلك الأحداث قد وقع بشكل مغاير ، كما حدث مع تكوين الكواكب الأخرى فى المجموعة الشمسية ، لكانت الأرض مكانا مختلفا عما هي عليه الآن، ولما كنا جميعا هنا ، لنا ما لنا من شكل ولنا ما لنا من حياة .