كتاب سيكولوجية الجماهير وعرض أهم أفكار غوستاف لوبون

دعنا في البداية نعطي لمحة سريعة عن فكرة كتاب سيكولوجية الجماهير العامة، فمن المعروف أن علم النفس يهتم بدراسة الحالة النفسية الفردية ومشاكلها ولا سيما في فترة الطفولة وفترة المراهقة، كما أن علم التحليل النفسي قائم على تحليل الحالة النفسية الفردية وليست الجماعية، وذلك للعمل على تشخيص العقد النفسية للفرد والتي قد يكون تعرض لها خلال فترة الطفولة الأولى وذلك تمهيدا لتحليلها وعلاجها إذا أمكن. ويمكنك الاطلاع على كتب علم النفس للمبتدئين ومحبي علم النفس

ولكن في المقابل هناك علم آخر مستقل بذاته وهو علم النفس الاجتماعي، وقد يكون هذا العلم غير معروف لدينا بشكل كبير وقد يظن البعض أنه تابع إلى علم النفس العام وذلك لأنه تقريباً يستخدم نفس المصطلحات المستخدمة في على النفس، ولكن الحقيقة أنه أصبح أحد العلوم الإنسانية الأساسية كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجيا وعلم التاريخ وعلم الاقتصاد السياسي وغيرها من العلوم.

وهذا العلم في الحقيقة متطور بشكل كبير في الولايات المتحدة الأمريكية وقد حظي بشعبية واهتمام كبير إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن في الحقيقة فإن مؤسسي هذا العلم هم الفرنسيون وتحديدا غوستاف لوبون، حيث يهدف العلم في الأساس إلى دراسة الصراع الناشب بين الفرد والمجتمع كمرحلة أولى، وليس هذا فقط بل يتجاوز العلم هذه النقطة ليدرس سلوك المجموعات داخل المجتمع وليس الأفراد وبالتحديد الفئات الاجتماعية أو الأعراق أو الطبقات أو الأقليات والطوائف الدينية.

جولة في كتاب سيكولوجية الجماهير

يعد كتاب سيكولوجية الجماهير هو بمثابة مقدمة إلى علم النفس الاجتماعي حيث يتم فيه عرض لجميع أفكار ونظريات غوستاف لوبون، وعلى الرغم من الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها هذا الكتاب والتي من أهمها توظيفه المتكرر لمفهوم العرق والجنس وذلك لتفسير السلوك المختلف لأنواع الجماهير وهذه النقطة يرفضها الكثير من علماء الاجتماع المعاصرون، وهناك غير ذلك الكثير من الاعتراضات والمناقشات التي أثارها الكتاب في الأوساط العلمية، ولكن رغم كل ذلك فقد ساعد الكتاب على ولادة أفكار جديدة والكثير من البحوث والكتب في علم النفس الاجتماعي وهو ما كان له الدور الكبير في نشأة العلم وتطوره بشكل كبير.

ومن أهم ما عرضه غوستاف لوبون في كتاب سيكولوجية الجماهير هي فكرة أن الجماهير لا تعقل، وهي تقبل الأفكار أو ترفضها بشكل كامل، فما يقال للجماهير من خلال الزعماء يغزو عقلها سريعاً ومن ثم يتحول إلى حركة وعمل، كما عرض غوستاف لوبون فكرة أنه لا يوجد جماهير بدون قائد والعكس صحيح فلا يوجد قائد بدون جماهير، وغير ذلك الكثير من الأفكار التي عرضها في الكتاب.

محتويات كتاب سيكولوجية الجماهير

يبدأ الكتاب بالمقدمة تحت عنوان عصر الجماهير والتي تعرض تطور العصر الحالي والمتغيرات الطارئة على فكر الشعوب ومدى قوة الجماهير ودورها في تغيير السياسة التقليدية للدول، وبعد ذلك يأتي الكتاب في ثلاثة أجزاء أو ثلاثة كتب وهي كالتالي:

الكتاب الأول: روح الجماهير

ويحتوي هذا الكتاب على أربع فصول مختلفة وهي:

الفصل الأول تحت عنوان الخصائص العامة للجماهير

حيث يعرض الفصل العناصر الأساسية التي تشكل الجمهور من وجهة النظر النفسية والصفات الخاصة للجماهير النفسية ومدى هيمنة اللاوعي على الجماهير وانخفاض مستوى الذكاء والتحول الكامل في العواطف وغيرها من الأفكار التي يعرضها الفصل.

الفصل الثاني وهو عواطف الجماهير وأخلاقياتها

يركز على سرعة انفعال الجماهير وكيف يكون الجمهور ألعوبة للكثير من المحرضات ومدى تأثير العرق على أداء وسلوك الجماهير، كما يركز الفصل الثاني أيضا على سرعة تأثر الجماهير وسذاجتها وتصديقها لأي شيء وأيضا مدى تساوى العالم والجاهل في أوساط الجماهير وغيرها من الأفكار التي يعرضها الكاتب في هذا الفصل.

الفصل الثالث بعنوان أفكار، محاجات عقلية، مخيلة الجماهير

حيث يناقش جوستاف لوبون في كتاب سيكولوجية الجماهير هذه الأفكار الثلاثة في ذلك الفصل، ليأتي بعد ذلك الفصل الرابع والأخير في الكتاب الأول وهو الأشكال الدينية التي تتلبسها كل قناعات الجماهير ليطرح الكاتب هنا أسباب تشكل العاطفة الدينية وخصائصها ومدى قوة القناعات التي تأخذها الصبغة الدينية وغيرها من الأفكار التي يطرحها الكاتب في هذا الفصل، وبذلك يكون نهاية الجزء الأول أو الكتاب الأول من كتاب سيكولوجية الجماهير ليأتي بعد ذلك الكتاب الثاني.

الكتاب الثاني: آراء الجماهير وعقائدها

وهذا الكتاب أيضاً يأتي في أربعة فصول مختلفة وهي:

• الفصل الأول تحت عنوان العوامل البعيدة لعقائد الجماهير وآرائها ويعرض الكاتب هنا أفكار مثل العرق، التقاليد، الأعراف، الزمن، المؤسسات السياسية والاجتماعية والتعليم والتربية.
• ومن ثم يأتي الفصل الثاني ليتحدث عن العوامل المباشرة التي تساهم في تشكيل آراء الجمهور مثل الصور والكلمات والأوهام والتجربة والعقل.
• ونأتي بعد ذلك للفصل الثالث محركو الجماهير ووسائل الإقناع التي يمتلكونها.
• وأخيرا الفصل الرابع وهو محدودية تغير عقائد الجماهير وآرائها ويناقش الكاتب هنا العقائد الثابتة والآراء المتحركة للجماهير ودور كل هذه الأفكار والمعتقدات في السلوك العام لها.

الكتاب الثالث: تصنيف الفئات المختلفة من الجماهير ودراستها

نأتي الآن للكتاب الأخير من كتاب سيكولوجية الجماهير لغوستاف لوبون والذي يعرض مجموعة من الفصول وهي:

الفصل الأول تصنيف الجماهير والفصل الثاني يتحدث عن الجماهير التي تدعى بالمجرمة، والفصل الثالث تحت عنوان محلّفو محكمة الجنايات، والفصل الرابع يتحدث عن الجماهير الانتخابية وأخيراً الفصل الخامس يتحدث عن المجالس البرلمانية، وبذلك تكون نهاية آخر فصول كتاب سيكولوجية الجماهير لغوستاف لوبون.

ويعد كتاب سيكولوجية الجماهير  من أكثر الكتب المثير للجدل في هذا المجال وهو علم النفس الاجتماعي، ولكنه في المقابل مادة جيدة ويحتوي على كمية كبيرة من الأفكار والنظريات في هذا المجال ويعد إضافة جيدة لأي طالب أو متخصص في مجال علم الاجتماع أو حتى غير المتخصص، كما أن الكتاب ليس كبير الحجم فهو يقارب 230 صفحة ولذا يمكنك قراءته في فترة قصيرة .