قبعات التفكير الست … أفضل طريقة للتفكير الإبداعي والتعلم بفاعلية
دائماً ما كانت طرق التفكير والتطوير من أساليب التفكير من اهتمامات العديد من البشر، خصوصا وأنّها تؤكد يومًا تلو الآخر أنها مهمة ومدى صدقها وقدرتها على إعانة الفرد والتحسين من أدائِه وزيادة إبداعه. تناغما مع هذا، سوف نحاول أن نتناول عن طريق هذا الموضوع أحد أهم تلك التقنيات الكلاسيكية والتي تم اعتمادها وطرحها في هذا الجانب، والتي كانت الدافع والسبب وراء جعل صاحبها واحد من أشهر علماء التفكير الإبداعي؛ هذا المصطلح الذي ابتكره بذاته.
نبذة عن قبعات التفكير الست
قبعات التفكير الست هو مصطلح تم إطلاقه من قبل “إدوارد دي بونو” على الطريقة التي طورها بذاته في هذا الجانب. إنّ تلك القبعات هي وهمية يدعى أنّ الشخص يرتديها ويعتمد عليها أثناء تفكيره، فكل طريقة للتفكير أمامها نوع ولون محددين من القبعات.
اقرأ: كيف تصبح مليونير ؟.. خطوات عملية لتصبح من أصحاب الثروات
عن إدوارد دي بونو
إدوارد دي بونو طبيب نفسي من مالطة، تمكن من أن يجمع بين كلا من دراساته للمخ البشري وأبحاثه في مجال التفكير من أجل أن يطور طريقة تجمع بين كليهما، ففي ثمانينيات القرن السابق، قام بطرح كتابة المعروف “قبعات التفكير الست” والذي كانت فكرته أساسها أنّنا بشكل دائم نحاول أن نفعل الكثير في وقتٍ واحدٍ، حتى التفكير، حيث نقوم بالسماح للأفكار بأن تتدفق بترتيبها الطبيعي والعفوي، فيتكون لدينا خليط من جميع ما هو عاطفي، منطقي، معلوماتي، نقدي … في الوقت نفسه، والنتيجة واحدة وهي التفكير العشوائي والذي يكون غير بناء ويتسم بعدم الوضوح.
الحل تبعا لما قاله هذا العالم (تسلسل وترتيب الفكر)، فهو يقوم بتنظيم الأفكار وكذلك يتناول جميع جوانبها، كما سيتم التوضيح خلال السطور الآتية بشكل دقيق.
أنواع قبعات التفكير الست
توجد ست قبعات للتفكير، كل واحدة لها لونها الذي يعبر عن صفاتها وسماتها، وهي كالآتي:
القبعة البيضاء: (التفكير الحيادي)
يعد هذا التفكير أكثر الأنواع بساطة وموضوعية، فالشخص الذي يضع القبعة البيضاء يعتمد أساسا على الإحصائيات والأرقام، فهو في الأغلب يقوم بطرح أسئلةً جلية وواضحةً ومن ثم يبحث على إجابات وهذه الإجابات تتسم بأنها مباشرة موضوعية. ليس يميل للنقد أو للمشاعر، وإنما يكون موقفه بشكل واضحٌ وصريحٌ؛ يقوم بالبحث على إجابات متوفرة للكل مجردةٍ من المواقف أو الآراء الشخصية.
في الأغلب ما تلبس القبعة البيضاء في بداية عملية التفكير، فالفكرة خلال بدايتها تكون بسيطةً ومبنية على حقائق موضوعية ومعطيات واقعية بشكل نسبي.
القبعة الحمراء: (التفكير العاطفي)
تعتمد القبعة الحمراء على جميع ما هو عاطفي وله علاقة بالمشاعر، فالشخص الذي يضع القبعة خلاف الذي يسبقه لا يبحث على إجابات مباشرة وموضوعية ولكن يعطي الأهمية الأكبر لحدسه ومشاعره، فمواقفه دائما تتصف برأي شخصي ولاسيما إن كان حدسه لم يخنه في مواقف في الماضي، ومن هنا يعتبره أنه حجر حظه الذي لا يخطئ.
من هنا، تكون العاطفة أساس التفكير المتين التي يستخدمها الشخص لكي يقبل أو يرفض آراء من حوله بدلا من الاعتماد على العقل والمنطق.
القبعة السوداء: (التفكير السلبي)
إنّ القبعة السوداء تحمل كافة أنواع التفكير الذي يكون نقدي ومتشائم سوداوي، فصاحب القبعة في الأغلب يركز على العقبات التي تعيق النجاح وكذلك نسب الفشل وجوانب الفكرة السلبية، ومهما رأيت أنّ ذلك الشخص منطقي فهو في الواقع يعتمد أثناء تحليله على أشياء سلبية مثل الخوف وعدم الرضا والتردد.
هذا التفكير إذا تمت السيطرة عليه بحيث يكون نوعًا مؤقتًا، لا قبعةً دائمةً ومعتاد عليها الشخص، فإنّه سيكون جزء الحذر الذي ينبغي الاهتمام به خلال عملية التفكير.
القبعة الصفراء: (التفكير الإيجابي)
بعكس القبعة السابقة، فالصفراء تعبر عن التفكير المتفائل والذي يكون أساسه الآمال، والرغبة في تنفيذ الأمر والوصول إليه أو حل الشيء المعقد والمشكلة أو التجريب بالتركيز على مجموع الإيجابيات، ونقاط القوة التي يمتلكها.
استخدام هذا النوع من التفكير وفي حالة إذا كان باستخدام العقل لا يتجاوز إلى التهور ولا يكون أساسه التخمين فقط، فالقبعة الصفراء هي المناسبة لرؤية المستقبل، والتي ينصح بأن يرتديها الشخص بعد السوداء من أجل تحقيق التوازن؛ فحين رؤية السلبيات لا بد إلزاما من رؤية الإيجابيات كذلك.
القبعة الخضراء: (التفكير الإبداعي)
إنّ هذه القبعة تشمل الابتكار والإبداع، فصاحبها في الأغلب يسأل ذاته “ولما لا …؟” ويبحث حينها عن الحلولٍ المناسبة وأفكارٍ إبداعية دون اللجوء للتقليدية والروتينية.
هذه القبعة تعبر عن كلا من الاندفاع والقدرة في تجريب الجديد والشيء غير المألوف، فالرغبة الموجودة عند الشخص من أجل التغيير والتميز دائما ما كانت محور وصفة الشخص الذي يستخدم هذا النمط والذي يجهز نفسه من أجل تحمل المخاطر ومواجهة الشيء المجهول لتحقيق أهدافه، وأفكاره التي تكون غريبة مجنونة ومختلفة وإبداعية مبتكرة.
القبعة الزرقاء: (التفكير الشامل)
القبعة الزرقاء هي قبعة التفكير الشامل العام، والذي يقوم بالبحث أساسا في نمط التفكير ذاته، في محاولة لإيجاد الطريقة المثلى والأفضل للتفكير، فهذه القبعة تمثل قبعة الشخص القائد الذي يقوم بتوجيه لاعب الشطرنج، والذي ينبغي أن يحرك قطعه بطريقة محددة تتناغم مع اللعبة كاملةً.
إن الشخص صاحب القبعة الزرقاء يتميز من خلال نظرته الشاملة، ويميل في الأغلب للعمل الجماعي والتفكير الذي يكون متعدد الأطراف، فهو يعتقد يقينًا بأنّ التفكير الجماعي ذا فائدة وحكمةً أكبر من التفكير الفردي.
الترتيب الذي تم وضع قبعات التفكير الست به ليس ترتيباً عشوائياً، بل إنّ التفكير الإبداعي السليم يحتاج وضع وتغيير القبعات تبعا لهذا الترتيب الموضح من أجل الوصول لنتائج أفضل.
فالفكرة في الأغلب بسيطةً عند طرحها والمصادر الخاصة بها (القبعة البيضاء)، لكنها ينشأ حولها عواطفٌ وحدسٌ بشكل سريع اعتمادا على أنّ الإنسان ليس سهل الحياد (القبعة الحمراء), يتم الانتقال بعدها لخطوة التحليل من أجل البحث عن كلاً من إيجابياتها وسلبياتها، ونقاط القوة والضعف لها، والخوف من تحقيقها والاندفاع لفعل ذلك (القبعتين الصفراء والسوداء), إلى أن توجه للبحث حول كلا من التميز والإبداع (القبعة الخضراء), فتتكون بذلك النظرة الشاملة والعامة عن الموضوع (القبعة الزرقاء).
اقرأ: أهم المهارات الشخصية الواجب توافرها في أي شخصية ناجحة
طريقة استعمال قبعات التفكير الست في التفكير والتعلم
إنّ معرفة قبعات التفكير الست يساعد أساسا في عملية تنظيم الفكر بطريقة يكون ناتجها الكم الأكبر من تحقيق الفعالية والإنتاجية. كذلك، من ناحية ارتباطه بالتعلم، فأسلوب التفكير هذا يساعد في تدفق الأفكار بطريقة تسلسلية من السهل أن يتذكرها الشخص ولا ينساها ولا سيما للمواد الدراسية الأدبية.
من جهة ثانية، من الممكن استعمال قبعات التفكير الست أثناء المذاكرة التي تكون جماعية، فمعرفة القبعات التي يرتديها الأشخاص الآخرين أثناء عملية النقاش أو المراجعة يساهم في اختيار القبعة الأفضل لوضعها تناغما مع ذلك لتخطي الصدامات.
ففي حالة إذا كان زميلُك. على سبيل المثال، متشائمًا من الامتحان وليس لديه أمل لفهم الدرس، فينبغي أن تقوم بارتداء القبعة الخضراء حتى تساعده في إيجاد طرق أخرى جديدة ومبتكرة تساعده في الحفظ، ولا تكتفي بالقبعة السوداء كذلك، فهذا لن يأخذكما لأي حلٍ أو جدوى.
استعمال قبعات التفكير الست أثناء كتابة موضوعٍ دراسي أو بحث يقوم بتقديم نظرةً شاملةً وعامةً، حيث لن يقتنع معلمك بموضوعٍ توجد فيه فقط الإيجابيات الخاصة بالفكرة، ولن يكون مكتفيا برأيك الشخصي إذا لم يتم دعمه باستخدام معطيات وأرقام حقيقية.
إنّ عملية التفكير هي ما يميز الشخص, ومن هنا، ينبغي أن يعطيها الشخص الاهتمام الكبير والذي يجعله قادرا على الأخذ بالاعتبار كافة أفكاره ومواقفه وآراءه أثناء هذه العملية، وإنّ قبعات التفكير الست مهما ظهرت بأنها طريفةً وبسيطةً، فقد أكدت أنها فعالة في جانبي التفكير والفهم.