فوائد التأمل الصحية وكيف يغير التأمل تركيبة الدماغ؟

فوائد التأمل الصحية وكيف يغير التأمل تركيبة الدماغ؟

يُعرف التأمل بمفهومه المختصر أنه عملية تدريب عقلك على التركيز وإعادة توجيه الأفكار، وقد زادت شعبيته في الفترة الأخيرة مع اكتشاف الناس لحقيقة  فوائد التأمل الصحية على الجسم والدماغ.

ما الذي نعرفه عن التأمل ؟

يعد التأمل رياضة روحية وعبادة تقربية في آن واحد، وقرأنا على مر العصور عن ممارسة الأنبياء للتأمل بطرق عدة ساعدتهم في الاستدلال على حقيقة الوجود والوصول للحكمة.

وهذا يذكرنا بقصة النبي محمد عليه الصلاة والسلام حين اتخذ من غار حراء معزلاً له عن البشر للتأمل والتفكر في خلق الكون حتى نزل عليه الوحي وأجابه على تساؤلاته بأن أهداه أعظم الكتب وهو القرآن الكريم.

لذلك التأمل عبادة تجعل الإنسان يسمو بنفسه عن كل الماديات في الكون ليرتفع ويكون أكثر اتصالاً مع الله الذي هو مصدر كل الأشياء في الكون، واتصالاً مع نفسه التي هي نفخ من روح الله.

فلك أن تتخيل تكرار دخول الإنسان في هذه الحالة من السكون والهدوء والتفكر يومياً لعدة دقائق أو ساعات ماذا سيكون شكل التأثير الذي سوف تتركه عادة التأمل أو اليوغا على حياة هذه الأنسان.

وبالمثل عند الديانات الأخرى باختلافها حيث ذكر المؤرخون طقوساً دينية لرجال دين من البوذية والمسيحية وغيرها ممن كانوا وما زالوا يمارسون التأمل بطرق عدة و لأهداف مختلفة.

كما أنه بالنسبة للبعض الآخر وسيلة أصبح يستخدمها الناس لتطوير عادات جديدة مفيدة لهم مثل:

  • المزاج الإيجابي.
  • زيادة الحدس.
  • الانضباط الذاتي.
  • تحسين أنماط النوم.
  • الهدوء والسلام الداخلي.

اقرأ عن النوم: مخاطر قلة النوم على حياتك وكيف تتجنبها وتحسن من طريقة نومك؟

كيف نُمارس التأمل؟

هناك عدة أنواع من التأمل منها:

  • تأمل الصمت.
  • تأمل اليقظة بالتركيز على نقطة محددة أمامنا.
  • تأمل الجلوس أو المشي في الطبيعة.
  • التأمل الموجه بكلمات محددة

وهناك العديد من الأنواع التي كلها تعتمد التركيز على التنفس، بالإضافة إلى مراقبة الأفكار التي يرسلها الدماغ دون محاولة التحكم بها ومن ثم بعد فترة من التدريب تبدأ التحرر من القيود الفكرية الحالية التي توجهك دون وعي، حتى تصل لوعي أعلى تستقبل من خلاله الإلهام والأفكار الخلاقة والحلول الإيجابية وصولاً للاستقرار النفسي، إلى جانب فوائد صحية عديدة.

أيضاً يعتمد كثير من أطباء العلاج النفسي على تمارين التأمل كأداة تعمل على تنظيف الصدمات العاطفية والعقد النفسية الداخلية مما يؤثر بطريقة لا واعية على سلوكياتك واختياراتك و اتخاذك للقرارات كذلك ردود فعلك نحو المواقف يتغير.

وكما ذكرنا سابقاً تتشارك طرق التأمل في مجموعة أساسيات نلخصها أنها جميعها

  • تحتاج مكان هادئ مع أقل قدر ممكن من مصادر التشتت.
  • وضعية محددة ومريحة ( الجلوس أو الاستلقاء أو المشي).
  • تركيز الانتباه على ( كلمات مختارة أو شيء ما أو التنفس أو شعور معين).
  • عدم التحكم بأي أفكار أو مشاعر تأتي وعدم الحكم عليها أو تصنيفها.

وتكون جلسة التأمل الواحدة من 5 دقائق إلى ساعة أو أكثر يعتمد ذلك على نوع التأمل وحالة الشخص وغايته من الجلسة فمثلاً إذا شعرت أنك بحاجة للراحة أو التنفيس عن غضب أو اتخاذ قرار صعب.

بإمكانك الذهاب لمكان هادئ قدر الإمكان واغمض عينيك واستمع فقط لصوت تنفسك واسمح لكل المشاعر والأفكار التي تداهمك في تلك اللحظة أن تخرج لا تمنعها، وهكذا حتى تشعر أنك اكتفيت وتعود لعملك.

هذه الثلاث أو الخمس أو العشرة دقائق كفيلة بتغيير مسار يومك بالكامل نحو الأفضل، وتجعلك أكثر حكمة في إدارة حياتك وأفكارك ومشاعرك.

 ماذا نعرف عن فعالية و فوائد التأمل؟

يقول العلم عن فوائد التأمل الصحية بعد أن رصد الباحثين عدة تجارب لأشخاص يمارسون عادة التأمل اليومي في حياتهم لمدة لا تقل عن 12 شهراً لوحظ الآتي:

  • أن التأمل كان فعالاً في التقليل من الضغط التوتر. ويمكنك الاعتماد على 5 تمارين تساعدك على الاسترخاء والتخلص من الضغط والتوتر.
  • السيطرة على القلق والاكتئاب.
  • التقليل من ضغط الدم.
  • يحسن ضربات القلب.
  • بالإضافة إلى التخفيف من أعراض متلازمة القولون العصبي والتقرحي.
  • التأمل له فضل كبير في علاج الأرق.
  • يعزز التأمل من الوعي الذاتي.
  • يولد اللطف ويعزز العاطفة.
  • يساعد في الإقلاع عن التدخين.
  • يرفع المناعة الذاتية ويقي من السرطان.
  • التخلص من الألم المزمن مجهول السبب.

ولا يعني ذلك أن نتخذه بديلاً للعلاج والأدوية بل هو إضافة مفيدة لتتكامل كل هذه العوامل معاً في إحداث النتيجة المطلوبة من تعافي الجسد ككل وأن نشعر بشعور أفضل.

فوائد التأمل للدماغ

وفقاً للعديد من الأبحاث فإن التأمل له فوائد كثيرة على الدماغ كانت قابلة للقياس تم تأكيدها باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي و تخطيط الدماغ.

بالإضافة إلى أبحاث جديدة تصدر كل أسبوع تقريباَ تظهر معها نتائج مثيرة حول فوائد التأمل الصحية وبشكل خاص على الدماغ.

كيف يغير التأمل الدماغ؟

  1. يؤثر التأمل على بنية الجهاز العصبي من حيث زيادة حجم المنطقة الرمادية المسئولة عن التحكم في حركتنا و الاحتفاظ بالذكريات وتنظيم عواطفنا.
  2. انخفاض نشاط مراكز الأنا في الدماغ التي يصدر عنها ردود الفعل العنيفة والعصبية وسلوكيات مثل الغرور والكره كذلك الحسد وحب السيطرة والنرجسية.
  3. تعزيز الاتصال بين مناطق الدماغ من خلال بناء وصلات عصبية جديدة وبالتالي بناء قدرات ذهنية عالية لها علاقة بالتركيز وسرعة البديهة وقوة الذاكرة ومهارات التعلم.
  4. أيضاً لوحظ أن من يمارسون التأمل على المدى الطويل كانت أدمغتهم محفوظة بشكل أفضل من غيرهم مع تقدمهم في العمر ودخولهم مرحلة الشيخوخة.
  5. وبالمثل تحدثت دراسة أجريت في جامعة جونز هوبكنز عن قدرة التأمل على خفض أعراض الاكتئاب والقلق والألم حتى وإن لم يكن علاجاً فهو أكثر تأثيراً من الأدوية في السيطرة على الأعراض.
  6. كما وجدت سارة لازار وفريقها في جامعة هارفارد أن التأمل يخلق حالة مزاجية تعرف بالرفاهية النفسية حيث أنه يؤثر بعمق على نوعية الأفكار وبالتالي تصوراتنا الذاتية للأشياء ومشاعرنا بشكل إيجابي.
  7. وبحسب جامعة ماساتشوستس العريقة وكذلك جامعة ستانفورد أن ال MBSR الذي يقصد به تأمل اليقظة كان فعالاً في علاج اضطراب القلق أو الرهاب الاجتماعي وفرط الانتباه، حيث أن أهم أساسيات التأمل أن يوصلك لفكرة المرجعية الذاتية (التركيز على الذات) وعدم الاكتراث للأحكام التي تأتي من الخارج.
  8. كما وجد برنامج التحرر من التدخين التابع لجمعية الرئة الأمريكية FFS بعد تجارب على عدد من مدمني التدخين أن التأمل ساعد في التعافي من الإدمان بأنواعه المختلفة وليس فقط التدخين بعد 17 يوماً من التدريب، نظراً لتأثيره على مناطق ضبط النفس في الدماغ ويقي من الانتكاس.

مدارس اليابان والصين والولايات المتحدة يعتمدان على التأمل

عدة مدارس في اليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم انتبهت لتأثير التأمل العميق على الدماغ وبدأت تستثمر هذه المعرفة في بناء جيل سليم نفسياً وذهنياً وجسدياً.

حيث اعتمدت هذه الدول ممارسة التأمل في مدارس الأطفال لديها كجزء من التمرين الصباحي لحصد فوائد التأمل الصحية والمعرفية والعاطفية للتأمل لدى الأطفال في سن مبكرة لترك أثر جيد في مستقبلهم ومستقبل بلادهم.

وفي الختام …

أصبح البحث عن عادات وأنماط تفكير جديدة بهدف التحسين من جودة حياتنا ضرورة ملحة وليس رفاهية في ظل بيئة مشحونة بالتوتر والضغوطات غالبية الوقت، خاصة أن معادلة الإنجاز والسعادة والرضا اليوم مرتبطة جدا بالتصالح الداخلي مع الذات والحالة المزاجية الإيجابية، لذلك من المهم أن نبدأ فوراً تدريب عادة التأمل لاستقبال فوائده الصحية الرائعة.

اضف تعليق

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول