ما هي التوكيدات وكيف تغير حياتك للأفضل وما رأي الإسلام فيها؟
يقال أن الإنسان هو ما يعتقده، إذا اعتقدت أنك فاشل فسوف تفشل وإذا اعتقدت أنك ذكي وناجح وتستحق الفرص فسوف تحقق أحلامك، يؤمن الكثيرون أن التوكيدات هي أداة قوية لتغيير حياتك فما هي التوكيدات، وكيف تستفيد منها بعيداً عن هراء التنمية البشرية الذي انتشر مؤخراً.
ما معنى التوكيدات؟
“لن أتمكن منها، أنا لست ذكيًا بما يكفي للقيام بهذه المهمة”
“في كل اجتماع أترك الآخرين يتحدثون عن أفكاري، لن أتقدم أبدًا في حياتي”
مثل هذه العبارات وغيرها الكثير مما نردده يوميًا بوعي أو بغير وعي وتسمى “التوكيدات” وهي عبارات مصدرها مجموعة الأفكار والمعتقدات التي يؤمن بها الشخص حول كل شيء سواء الحياة أو العمل أو المال أو الزواج أو نفسه أو أي شيء آخر ويكررها باستمرار.
التوكيدات باختصار هي مجموعة أفكار مصحوبة بمشاعر يكررها الشخص حتى يؤمن بها ثم تصبح معتقد راسخ ثم تتحول إلى نبوءة محققة في حياته، منها توكيدات سلبية الأثر على حياتك ومنها التوكيدات الإيجابية التي تساعدك على تغيير حياتك نحو الأفضل.
وهي عبارة عن أداة قوية التأثير على مزاجنا وعلى ثقتنا بأنفسنا ومن حولنا وعلى واقعنا بأكمله إذا أدركنا أهميتها ونجحنا في تطويع التوكيدات لإحداث تغييرات إيجابية في حياتنا.
اقرأ كذلك: عادات يومية سيئة عليك تغييرها لتحسين مستواك المعيشي.
التوكيدات في الإسلام
لنبتعد قليلاً عن أن التوكيدات أداة تفعيل قانون الجذب على اعتبار أنها مفاهيم جديدة، ولنذهب قليلًا نحو ما أخبرنا به الإسلام عن إيجابيات الامتنان وهو تكرار ذكر النعم الصغيرة والكبيرة في حياتنا والنظر بتفاؤل تجاه مستقبلنا.
وكيف أن ذلك سوف يجذب الأشياء الإيجابية أكثر لحياتنا ويزيد الخير والبركة حولنا كما قال تعالى في القرآن الكريم في سورة إبراهيم الآية 7 (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) صدق الله العظيم.
وبما أن الكون خليقة الله وهذه القوانين الكونية هي خليقة الله أيضًا وأنت خلق من خلق الله إذًا هي مسخرة لك والتوكيدات مجرد أداة نستخدمها في ترديد “الحمد لله على كذا و كذا و … ” تحقيقًا لتلك القوانين بما يرضي الله.
شرط أن يكون محلها القلب بمعنى أن تستشعرها من قلبك بصدق وحب وإيمان وهكذا يمكنك أن تطلب من الله كل ما تريد وأنت تتخيله وتستشعره وتؤمن بتحقيقه وتأخذ بأسباب السعي وانتظر بعدها المعجزات.
فلنلتزم بديننا ونمارسه على أكمل وجه ومع الأيام سنجد أنفسنا من بين الأكثر حظًا في الدنيا والآخرة وهذا هو الجذب الحقيقي في مفهوم ديننا الإسلام.
التوكيدات اليومية
الهدف من التوكيدات هو إعادة برمجة الدماغ على أفكار ومعتقدات جديدة للحصول على نتائج جديدة نحقق من خلالها الأهداف المرغوبة.
والمغزى من إعادة برمجة الدماغ هو أنه إذا قمنا بتمرير فكرة ما للعقل اللاواعي وتكرارها أكثر من مرة وتم شحنها بالمشاعر بعد فترة سيتعود عليها العقل وتصبح معتقد ثابت وبناء عليه يبدأ الشخص التفكير بطريقة مختلفة عما اعتاد عليه ومن ثم اتخاذ قرارات وخيارات جديدة تتناغم مع الأفكار التي تبناها داخله.
وبنفس الطريقة يمكنك أن تساعد في إحداث تغيير جذري في حياة كثير من الناس انطلاقًا من هذه الفكرة وهو يشبه إلى حد ما العلاج السلوكي المعرفي المتبع حديثًا لدى اختصاصين علم النفس.
حتى أنه من الممكن شفاء كثير من الصدمات النفسية وتعزيز الرضا عن الذات وتصحيح مفاهيم خاطئة وتقوية الثقة بالنفس والشعور بالاكتفاء واستعادة روح العطاء والإنجاز والعيش ب سلام داخلي من خلال إعادة برمجة عقلك الباطن باستخدام جمل التوكيدات بشكل صحيح.
حيث أنه إلى جانب رأي الإسلام في موضوع التوكيدات فإن العلم أيضًا يؤكد لنا في واحدة من الحقائق المعروفة في علم النفس أن بإمكان المرء أن يغير من نفسه من خلال تأكيد الذات الإيجابي والتصور الذي يحمله عن نفسه في مخيلته.
أمثلة على بعض التوكيدات اليومية الإيجابية التي قد تحدث أثرًا فعالًا في حياتك:
- الله يحبني وأنا معجزة الله وخليفته على الأرض.
- أنا أستحق كل ما أرغب به.
- أنا مغامر وتغلبت على الخوف باتباع أحلامي.
- أنا مسؤول عن حياتي.
- أنا بطل قصتي.
- أنا متفرد لا أشبه أحد ولا أحد يشبهني.
- أنا محظوظ وأجذب الخير لحياتي دائما.
- أنا أختار ولا أنتظر أن يتم اختياري.
- أنا أكتفي بنفسي أعطاني الله من روحه كل ما أحتاج.
- منحني الله كل الأدوات اللازمة لإحداث التغيير في حياتي.
- أنا أسامح نفسي وأؤمن بها.
- الحياة مليئة بالجمال الذي يستحق أن نعيشه.
- أنا أملك القدرة على تجاوز كل شيء مهما كان صعب.
عدد تكرار التوكيدات
يوجد اقتباس شهير للملاكم العالمي محمد علي كلاي يقول فيه:
“إن تكرار التأكيدات هو الذي يقود إلى الإيمان وبمجرد أن يصبح هذا الاعتقاد اقتناعًا عميقًا، تبدأ الأشياء في الحدوث”
محمد علي كلاي
لذا لا يمكننا أن نخبرك بأن يجب عليك تكرار التوكيدات 5 مرات أو 10 مرات أو 20 مرة لأن الأهداف لن تتجلى لك ما لم يشعر بها قلبك أولًا.
وإنما الحقيقة التي أخبر بها آلاف ممن أحدثوا نقلة نوعية في حياتهم هي كرر التوكيدات حتى تؤمن بها في أعماق نفسك ويخزنها عقلك الباطن وتصبح عادة ثم ما هي إلا مسألة وقت كي يرتب لك الله تجلي الأشياء في حياتك بكل حب وسهولة ويسر.
ويحدث الأمر عندما تصدق ما تقوله لنفسك وتجتهد من أجل الوصول إليه، فلا يمكن أن تعمل التوكيدات الإيجابية وأنت نائم على سريرك وتقوم بتكرارها، فلو كررتها ملايين المرات بدون سعي واجتهاد للوصول لن تصل.
واحرص أن لا تستعجل رؤية النتائج فالعادة حتى ترسخ وترتبط في القلب يجب أن لا يقل تكرارها عن 30 يوم، ورحلة التغيير الجذري تحتاج صبر واجتهاد وصعي مستمر وتقبل لكل ما تطلبه الرحلة.
ما هي التوكيدات الإيجابية؟
هي عبارة عن جمل تكون على شكل رسائل إيجابية ترسلها للعقل الباطن لكي يتبرمج عليها، ويكون ذلك بتكرار هذه الجمل إلى أن تصبح جزءًا من نظام الاعتقاد لديك. أو تمكن إعادة صياغة معلومات ما من داخل كيانك لتصحح بها معلومات سابقة ومعتقدات سابقة، وتمكن ممارستها في الصباح عن طريق سماع اليوتيوب أو ترديد عبارات إيجابية عن أي ناحية من نواحي حياتك، وكذلك في المساء قبل النوم.
مدى تأثير التوكيدات في تغيير حياتك
طريقة حديثنا مع ذاتنا:
الحديث مع الذات هو الحوارات التي تدور في أذهاننا والكلمات التي نقولها لأنفسنا، لذلك يجب أن نكون أكثر وعيًا في اختيار كلماتنا عندما نتكلم مع أنفسنا، لأن كل ما نعتقده عن أنفسنا وما نفكر فيه يزداد وكذلك يتسبب في حدوثه بحياتنا لأننا نجلبه إلينا.
كلما فكرت في الفشل جلبت المزيد من الفشل، كلما فكرت في النجاح جلبت المزيد منه. انتبه كيف تتحدث مع نفسك لأن هذا يساعدك في تغيير حياتك إلى الأفضل.
“لقد جعلت منك الأفكار التي تدور في ذهنك الشخص الذي أنت عليه، وستجعلك الأفكار التي تدور في ذهنك ما ستصبح عليه من الآن فصاعدًا”.
كاترين بوندر
قوة الكلمات التي نستخدمها:
إن الكلمات مؤثرة فلديها القوة على أن تحركنا، ويمكنها أن ترفع من روحنا المعنوية وتلهمنا وتغير من حالتنا المزاجية وتعطينا الشجاعة والثقة والسعادة، وتجعلنا نبكي ونفعل ما هو أكثر من ذلك بكثير، وأيضًا يمكنها أن تدفعنا قدمًا في الحياة وتخلق تغييرات في نوعية حياتنا.
“الكلمات ليست صوتًا أو رمزًا مكتوبًا فقط، فالكلمة قوة، إنها القوة التي يجب عليك أن تعبر عنها وتوصلها إلى الآخرين وتفكر فيها، وبالتالي تخلق أحداث حياتك”.
دون ميجيل رويز
غيّر الأفكار، تتغير المشاعر، تتغير الأفعال
لذلك تجنب الكلمات السلبية التي تمنعك من المضي قدمًا:
- عندما تقول “أنا لا أستطيع”، لن تستطيع وسينتابك شعور بعدم الكفاءة.
- عندما تقول “لن أكون قادرًا على الإطلاق” لن تكون قادرًا وسينتابك شعور بالعجز.
- عندما تقول “ليس لدي الوقت الكافي” يتمحور تفكيرك على عدم امتلاك الوقت الكافي وينتابك شعور القلق.
الكلمات الإيجابية المشعة التي يجب أن تقولها لنفسك ولاحظ مشاعرك عندما تقولها:
- عندما تقول “أنا رائع بالحالة التي أنا عليها” ستشعر بالطاقة والحماس.
- عندما تقول “أنا أشعر بالاطمئنان الآن” ستشعر بالهدوء والسكينة والسلام.
- عندما تقول “لدي كل الذكاء المطلوب لكي أتجاوز هذا الاختبار” ستشعر بالثقة والقوة.
كيفية تغيير حياتك للأفضل باستخدام التوكيدات؟
لكي تستطيع تغير حياتك بواسطة استخدام التوكيدات الإيجابية يجب تطبيقها بهذا الشكل:
ضع نية التغيير
ألقِ نظرة على كل جوانب حياتك، حدد ما الذي تريد أن تغير وضع له نية.
ضع توكيدات ويجب أن تكون إيجابية، يجب أن تكون التوكيدات التي تكتبها إيجابية وليست بصيغة النفي، فمثلًا إذا كنت تريد أن تشعر بالثقة قل (أنا أشعر بالثقة اليوم) ولا تقل (أنا لم أعد سلبيًا).
عندما تقول التوكيدات اشعر بها
عندما نقول توكيدات لأنفسنا يجب أن نقولها بقوة وحماس، فإن هذه العبارات الإيجابية التي سوف نقولها لأنفسنا جزء من ذاتنا، فلذلك يجب أن تشعر بأن ما تقوله لذاتك حقيقي ويجب أن تقوله بمشاعر وطاقة إيجابية حتى يستطيع أن يكون له دور في تغيير حياتك إلى الأفضل.
يجب أن تكون التوكيدات بصيغة المضارع
يجب أن يكون التوكيد بصيغة المضارع، ليكون الأمر حقيقيًا ويحدث لنا الآن، فيثبت في عقلنا الباطن، فتقول: “أنا واثق اليوم” لا “أنا سوف أكون واثقًا”.
يجب أن يكون شخصيًا
يجب أن يكون التوكيد شخصيًا، فلا يمكن أن نؤكد إلا لأنفسنا ويجب أن نتذكر أننا لا يمكننا تغيير أي شخص آخر، كل ما نملكه هو تغيير أنفسنا وطريقة حياتنا.
تكرار التوكيدات مهم
يفضل أن تُكتب أو تسمعها لمدة 21 يومًا. اختر الطريقة التي تناسبك.
تصور النتائج
تصور الشيء الذي تريده تحقق ويحدث في اللحظة الراهنة، كلما تخيلنا نتائج رغباتنا أكثر تذكرت أجسادنا الصورة واستجابت لها.
ما هو العقل الباطن في الإسلام؟
يخبرنا رسولنا الكريم في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي .. حتى نهاية الحديث الشريف.
والظن هنا يعني (ما يعتقده الإنسان عن ربه) ويقول العلماء المسلمون أن هذه الظنون والمعتقدات والأفكار كلها أشياء موجودة في مكان لا يعرف أين هو مثلها مثل الروح وهذا هو ما يعرف ب العقل الباطن في الإسلام أو العقل اللاواعي والذي هو مخزن القوى العقلية والأفكار المستترة التي تتشكل منها ملامح شخصية الإنسان.
كيف تبرمج عقلك الباطن قبل النوم؟
- اجلس بصمت في غرفتك أو في مكان هادئ.
- حدد الهدف الذي تسعى لتحقيقه وليكن واقعيًا.
- حدد نيتك من هذا الهدف واحرص أن تقرنه ب نية نفع لك وللناس.
- أكتب 3 أو 5 توكيدات أو أي عدد لكن ينصح بعدد قليل وأن تحمل التوكيدة نصًا إيجابيًا شامل ومختصر مثل : أنا الآن أكثر رضا عن حياتي وأعيش الوفرة التي أريد.
- كرر التوكيدات حتى تلامس قلبك وتستشعر تحقيقها ومن ثم تنام مباشرة لا تقوم بأي نشاط آخر بعد ذلك.
- يمكنك أيضًا أن تسجل التوكيدات بصوتك وتكررها لمدة معينة مثلا ربع ساعة وتضع السماعات وتنام حيث أن العقل اللاواعي يعمل على معالجة هذه الأفكار وتخزينها وأنت نائم لتصبح بعد فترة جزء من طريقة تفكيرك ثم تبدأ في ملاحظة الفرص ويصلك الالهام لتحقيق ذلك.
كم يوم يجب أن ألتزم بالتوكيدات؟
لكي تستشعر قيمة التوكيدات الإيجابية في حياتك يجب أن تلتزم بها فترة لا تقل عن 21 يوماً، والأفضل أن تجعل من التوكيدات الإيجابية أسلوب حياة دون الالتزام بحد أقصى من الأيام وتستمر طوال حياتك في استخدام التوكيدات الإيجابية لتعزز ثقتك بنفسك وتؤمن أنك تستطيع وتستحق تحقيق أهدافك.
كيف تقوم بكتابة التوكيدات الإيجابية؟
تختلف التوكيدات الإيجابية من شخص لآخر، حسب أهداف وأحلام كل شخص، فمن يريد أن يتعلم مجال ما عليه أن يستمر في التأكيد على قدرته على تعلم هذا المجال ,انه بالفعل تعلم مع السعي والاجتهاد في التعلم، وبشكل عام هناك توكيدات إيجابية عامة للجميع مثل، أنا سعيد، أملك وجهاً ذو ملامح جميلة، قلبي طيب، أنا متسامح مع الجميع، لدي ما يكفيني من المال.
ختاما .. الإيمان بنفسك هو نصف المعركة، والخارج هو مرآة الداخل فما تؤمن به سوف تراه عاجلًا أم آجلًا وإذا تأملت الأمر قليلًا ستجد ان هذا القانون الكوني يعمل فعلًا سواء صدقت ذلك أم لا هو يعمل الآن في هذه اللحظة لذلك تعتبر التوكيدات من أروع استراتيجيات المساعدة الذاتية للتشافي من الماضي وتشكيل الواقع الذي تريد بوعي بعيدًا عن السلبية التي ملأت العالم وإن الأمر يستحق التجربة.